ركوب الخيل، تلك الرياضة التي تأسر القلوب بجمالها ورونقها، لم تكن مجرد وسيلة للتنقل أو الترفيه عبر التاريخ، بل حملت معها الكثير من العادات والتقاليد التي ما زلنا نمارسها اليوم دون التفكير كثيرًا في أصولها. من بين هذه العادات، ركوب الخيل من الجانب الأيسر. هل تساءلت يومًا عن السبب وراء ذلك؟ في هذا المقال، سنستعرض القصة التاريخية والثقافية لهذه العادة التي تعود إلى قرون مضت.
الجانب الأيسر: مفتاح لفهم الماضي
على الرغم من أن استخدام الخيول قد تغير في عصرنا الحديث ليصبح رياضة وترفيهًا، إلا أن هذه العادة تعود إلى زمن الحروب والمعارك. في تلك الفترات، كان الفارس يُعتبر جزءًا لا يتجزأ من خيله، وكان السيف هو السلاح الأساسي الذي يعتمد عليه.
كان الفرسان يحملون سيوفهم في غمدٍ مثبت على الجانب الأيسر من أجسادهم. والسبب في ذلك بسيط: الغالبية العظمى من البشر يستخدمون يدهم اليمنى، مما يجعل من الطبيعي أن يُمتشق السيف بيدٍ يمنى بسرعة وكفاءة. ولكن كيف يرتبط ذلك بركوب الخيل؟
الحكمة وراء الركوب من الجانب الأيسر
حين يهم الفارس بركوب الحصان، فإن رفع رجله اليمنى أولاً فوق ظهر الحصان من الجانب الأيسر يُسهل عليه تجنب تعرقل السيف أو إزعاج الحصان. تخيل لو حاول الفارس أن يمتطي الحصان من الجانب الأيمن؛ قد يصطدم السيف بظهر الحصان أو يتشابك مع سرج الخيل، مما يعوق حركته وربما يتسبب في فوضى غير مرغوبة.
هذا الجانب العملي جعل من الركوب من الجانب الأيسر أمرًا شائعًا، ليس فقط لأنه أكثر سهولة، بل لأنه أيضًا يحافظ على سلامة الفارس والحصان معًا.
لماذا استمرت العادة حتى اليوم؟
مع تطور الزمن وغياب الحاجة إلى السيوف في حياتنا اليومية، قد تعتقد أن هذه العادة ستندثر. إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة. الخيول نفسها تُدرَّب على القبول بركوبها من الجانب الأيسر. هذه العادة الراسخة تُعتبر جزءًا من بروتوكول تدريب الخيل. وبالتالي، محاولة ركوب الخيل من الجانب الأيمن قد يُربك الحصان ويثير مخاوفه.
إضافة إلى ذلك، استمرت هذه العادة كجزء من التراث الثقافي المرتبط بالخيل والفروسية. فهي ليست مجرد حركة عابرة، بل رمز للتقاليد التي تربط الإنسان بعلاقته مع هذه المخلوقات النبيلة.
الخاتمة: إرث يتجاوز الزمن
ركوب الخيل من الجانب الأيسر ليس مجرد عادة عابرة، بل هو إرث تاريخي يعكس حكمة الأجداد وتقاليدهم التي ما زالت تعيش بيننا. إنه تذكير بالعلاقة الوثيقة التي جمعت الإنسان بخيله عبر القرون.
سواء كنت فارسًا محترفًا أو مجرد هاوٍ يرغب في تعلم الفروسية، فإن فهمك لهذه العادة يضيف عمقًا لتجربتك. فكر في ذلك في المرة القادمة التي تمتطي فيها الحصان: أنت لا تمارس رياضة فحسب، بل تستعيد جزءًا من تاريخٍ يمتد لعصور مضت.
لا توجد تعليقات